مع دخول شهر رمضان تنتشر التساؤلات حول الصوم، متى يكون الصيام واجباً؟ ومتى يكون مُحرماً؟ وما هي الحالات التي يستحب فيها الصيام من دون الفريضة؟
يعد الصيام عبادة سرية بين العبد وربه تعمل على إصلاح النفوس وتهذيبها، ومن أتى بها على الوجه الصحيح نال التقوى، وباعد الله بينه وبين النار سبعين خريفًا، ولا يقتصر الصيام على شهر رمضان فقط بل إنه مستحب طيلة العام، ولم ينهَ عن الصوم إلا في أيام معدودة فقط.
وللإجابة عن سؤالك متى يكون الصيام واجباً؟ ومتى يكون محرمًا؟ دعنا نتعرف أولاً على اقسام الصوم في الإسلام، والفرق بينهم في ضوء الكتاب والسنة.
محتويات المقال
ما هي اقسام الصوم في الإسلام؟
يقسم الصوم من حيث الحكم إلى أربعة أقسام هي:
- الصوم الواجب.
- الصوم المندوب.
- الصوم المحرم.
- الصوم المكروه.
متى يكون الصيام واجباً؟
الصيام الواجب هو الصوم الذي يلزم أدائه شرعًا، لذا يكون الصيام واجباً في أربعة حالات وهي:
- صيام رمضان (صيام الفريضة)
صيام رمضان ركن من أركان الإسلام الخمسة، وواجب بالإجماع كما جاء في الكتاب والسنة على كل مسلم بالغ عاقل قادر، والدليل قول الله تعالى:
{ شَهْرُ رَمَضَانَ اَلَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدَى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَات مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ اَلشَّهْر فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّة مِنْ أَيَّام أُخَرَ} سورة البقرة الآية 185.
- صيام قضاء شهر رمضان
كل من أفطر في الصوم الواجب بعذر يلزمه القضاء بعدد الأيام التي أفطرها، ويجوز أن يكون الصوم متفرقًا، ولكن يستحب أن يكون متتابعًا مع الإسراع في آدائه إبراءً للذمة.
- صيام الكفارة
سميت بالكفارات لأنها تكفر الذنوب، وقد بينها الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز وهي:
- كفارة الظهار: وهي أن يقول الرجل لزوجته أنت عليَّ كظهر أمي يجب عليه الكفارة، وهي صيام شهرين متتابعين إن لم يجد رقبة مؤمنة يعتقها.
- كفارة اليمين المنعقدة: يجب عليه صيام ثلاثة أيام؛ إن لم يستطع إطعام عشرة مساكين.
- كفارة الجماع في نهار رمضان: يجب على الزوج والزوجة الاستغفار، والتوبة، وصيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينًا.
- كفارة القتل الخطأ: يجب صيام شهرين متتابعين إن لم يجد رقبة مؤمنة.
- فدية الأذى المحرم (ارتكاب المحرم أحد محظورات الإحرام) يجب عليه صيام ثلاثة أيام إن لم يستطع الذبح أو الإطعام.
- من لم يجد الهدي عليه صيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم.
- الصيام الواجب بالنذر
من نذر صومًا لله وجب عليه أدائه، والنذر مشروع في الكتاب والسنة بالإجماع لحديث عائشة _رضي الله عنها_ أن النبي ﷺ قال: “من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه” رواه البخاري.
قد يهمك أيضاً: أهم النصائح لمرضى السكري في رمضان
الصوم المندوب (صيام التطوع)
كل ما كان في غير الفريضة يسمى تطوعًا أو نفلًا، وصيام التطوع من السنن العظيمة. ويشرع الصيام تطوعًا في أي وقت طيلة العام إلا في أيام قليلة ينهى فيها، وأفضل صيام التطوع صوم يوم وفطر يوم وهو صيام نبي الله داوود.
ويمكن تقسيم صيام التطوع إلى قسمين:
- صوم التطوع المطلق: ويكون غير مرتبط بوقت ولا زمن معين.
- صوم التطوع المعين: ويكون مرتبط بزمن معين ووقت معين مثل:
- صيام ستة من شوال.
- صيام الإثنين والخميس.
- صوم ثلاثة أيام من كل شهر.
- يوم عاشوراء.
- يوم عرفة.
- الصيام المستحب في شهر الله المحرم وشهر شعبان.
وهما من أفضل الشهور للصوم بعد شهر رمضان، والأحاديث في ذلك كثيرة منها:
عن أبي هريرة _رضي الله عنه_ أن رسول الله ﷺ قال: أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل»
الصيام المحرم شرعًا
هو الصيام الذي ينهى عن فعله ويأثم فاعله، والأحاديث التي ذكرت فيها كثيرة، والأيام التي يحرم فيها ذلك هي:
- تحريم صوم يومي عيد الفطر وعيد الأضحى
قال الإمام النووي _رحمه الله_: قد أجمع العلماء على تحريم صوم هذين اليومين بكل حال سواء صامهما عن نذر أو تطوع أو كفارة أو غير ذلك.
- تحريم صوم أيام التشريق الثلاثة
فقد نهانا رسول الله ﷺ قائلاً: أنها أيام أكل وشرب وذكر لله. إلا إنها قد جاز صومها للحاج عن هدي التمتع أو من لم يجد الهدي.
- صوم يوم الشك
وهو الثلاثون من شعبان وقد ذكرت صريحة في أحاديث كثيرة منها: عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: “إذا رأيتم الهلال فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غُم عليكم فصوموا ثلاثين يوماً”.
- صيام الحائض والنفساء
الصيام في فترة الحيض من الأمور المنهي عنها، والدليل على ذلك حديث أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال النبي ﷺ: «أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم فذلك نقصان دينها».
- صيام المرأة تطوعا دون إذن زوجها
فلا يجوز للمرأة أن تصوم نفلاً إلا بإذن زوجها، والدليل على ذلك عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال:” لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه”.
- صيام المريض إذا كان فيه مهلكة
وهي رخصة شرعية للمريض قال رسول الله ﷺ: ( إن الله تعالى يحب أن تؤتى رخصه، كما يكره أن تؤتى معصيته ) رواه أحمد.
قد يهمك أيضاً: صيام الحامل في رمضان
ما هو الصوم المكروه؟
هو الصوم الذي يكره فعله ولا يأثم فاعله، ولكن تنال الثواب بتركه امتثالاً لأمر الله عز وجل ومن أنواع الصوم المكروه:
- صيام الدهر
وهو صيام كل يوم ماعدا الأيام المنهي عنها، وهذا الصوم فيه إفراط بالعبادة، ومخالفة صريحة لأمر النبي ﷺ، كما أنه فيه ضعف للمسلم وتقصيره في أداء باقي العبادات.
الدليل على ذلك:
عن أنس بن مالك _رضي الله عنه_ قال: ” جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي ﷺ يسألون عن عبادة النبي ﷺ فلما أخبرتهم گأنهم تقالوها وقالوا: أين نحن من رسول الله ﷺ وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وقال أحدهم: أنا أصلي الليل أبدا، وقال الآخر: وأنا أقوم الدهر أبدا ولا أفطر، وقال آخر: أما أنا فأعتزل النساء ولا أتزوج أبدًا، فجاء رسول الله ﷺ فقال: أنتم الذي قلتم كذا وكذا؟ أما والله لأخشاكم لله، وأتقاكم له، ولكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني” متفق عليه.
- إفراد يوم الجمعة
يكره صيام يوم الجمعة منفردًا إلا أن يصوم يوماً قبله أو يوماً بعده؛ لأن يوم الجمعة يعد يوم عيد للمسلمين.
- صيام يوم عرفة للحاج
لا يستحب صيام الحاج في يوم عرفة لما فيه مخالفة لفعل النبي ﷺ.
قال سماحة الشيخ بن باز _رحمه الله_: (أما الحاج فلا يجوز له أن يصوم يوم عرفة لأن النبي ﷺ وقف في ذلك اليوم وهو مفطر، وإن صامه يخشى عليه الإثم).
- إفراد يوم السبت
يكره صيام يوم السبت منفردًا لما فيه تشبها باليهود، ولكن إذا اقترن بيوم قبله أو يوم بعده فلا كراهة في ذلك.
- إفراد شهر رجب بالصيام مكروه
يكره تخصيص شهر رجب للصيام دون غيره من الشهور لاعتقاد فضله، ولكن يمكن الصوم فيه كبقية الشهور.
- صيام أواخر شعبان ما لم يكن له عادة فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية _رحمه الله_”لا يستحب الصوم بعد منتصف شعبان إلا لمن قد صام قبله”.
وها نحن قد انتهينا من اقسام الصوم المختلفة من حيث الحكم الشرعي والفرق بينهم في ضوء الكتاب والسنة.
نفعنا الله وإياكم بالقرآن الكريم وبسنة نبينا الكريم محمد ﷺ
