“أصل الوِسْطَانِي مَنْسِي!”
كثيرًا ما يتبادر إلى السمع هذه المقولة في بعض الأوساط الشعبية، إشارة إلى سلوك ما أثار انتباههم في الطفل الذي يتوسط الترتيب بين إخوته!
ربما لا يقتصر الأمر على سلوك واحد وفقط، بل قد يتعدى الأمر إلى عدد من الصفات الأخرى التي يعتقدون أنها تميز الطفل الأوسط عن بقية إخوته، فما هي حقيقة متلازمة الطفل الأوسط؟
كان ألفريد أدلر (المحلل النفسي الشهير) أول من افترض أن ترتيب أطفال الأسرة الواحدة يؤثر على أنماط شخصياتهم وبالتالي سلوكياتهم وتعاملهم مع غيرهم.
فمثلاً _حسب الفرضية_ نجد أن الطفل الأكبر غالبًا ما يتسم يعدد من الصفات، منها مثلاً:
- تحمل المسئولية.
- الطموح.
- المثابرة.
- الذكاء.
- العند.
- التحفظ.
بينما نجد الطفل الأصغر يتسم أيضًا بعدد من الصفات، ففي الغالب يكون الطفل الأصغر:
- مدللًا.
- غير ناضج.
- محبًا للفت الأنظار.
- وغير مسئول
- متمردًا في أحيان كثيرة.
محتويات المقال
ماذا عن الصفات الشخصية للطفل الأوسط؟
قبل معرفة ما تتسم به شخصية الطفل الأوسط من صفات، يجدر بنا أولًا معرفة أسباب متلازمة الطفل الأوسط المُفترَضَة لنفهم كيف تكونت شخصيته.
فمعرفة الأسباب تسهل لنا تصور كيف نشأت الصفات؟ والأصل الذي بُنِيَت عليه الشخصية.
فنجد أن المواقف التي يتعرض لها الطفل صغيرًا، تؤثر تأثيرًا كبيرًا في ردود أفعاله على مختلف المواقف التي يتعرض لها.
ويؤثر أيضًا توجيه الوالدين للطفل في مختلف المواقف في تنمية شخصية الطفل، إما بالإيجاب أو بالسلب.
فيجب أن ينتبه الوالدان لأي رد فعل من جانبهم، ويجب أن يتعلموا السيطرة على انفعالاتهم، خصوصًا في الفترة الأولى من حياة الطفل.
ففي الفترة الأولى من حياة الطفل، يكون حساسًا لكل موقف، وتكون حواسه متفتحة ومستعدة وفي أتم استعداد للتعلم من أي موقف ولو كان صغيرًا، فالتعليم في الصغر كالنقش على الحجر كما كانوا يقولون قديمًا.
ما هي أسباب متلازمة الطفل الأوسط؟
تقول الافتراضية أنه من الممكن معرفة اسباب متلازمة الطفل الأوسط من خلال تقصّي كيفية تعامل الوالدين معه، والبيئة التي نشأ فيها. فنجد أن الطفل الأوسط غالبًا ما:-
- يُتَجاهل: حيث تُسند المسؤوليات إلى الطفل الأكبر، بينما تُوَجّه الرعاية والاهتمام إلى الطفل الصغير، في حين يقع الطفل الأوسط بينهم بلا دور واضح في الأسرة.
- يشعر بعدم المساواة مع إخوته، إذ يكونوا هم موضع الاهتمام، ويكون هو خارج الأضواء.
- يشعر بالعزلة والانفراد عن بقية أفراد الأسرة.
وهكذا بعد معرفة بعض أسباب متلازمة الطفل الأوسط، لنا أن نتوقع بعض الصفات.
ما هي أبرز السمات الشخصية؟
تتكون لدى الطفل الأوسط بعض السمات السلبية، منها:-
- عدم الانتماء لعائلته، وغالبًا لا يلجأ لوالديه عند الوقوع في الأزمات.
- صاحب شخصية مُعَتّمَة، يشعر بقلة كفاءته خصوصًا بالمقارنة مع الأخ الأكبر.
- سهولة التأثر بمن حوله، وخصوصًا الأصدقاء، حيث يعتمد عليهم بدلًا من والديه.
- الجرأة لتجربة مختلف الأشياء التي قد يكون بعضها ضارًا.
وجد بعض الباحثين أيضًا أن الطفل الأوسط يكتسب عددًا من السمات الإيجابية، نتيجة تفاعله مع نفس الأسباب السابقة، فنجد على الجانب الآخر بعض السمات الإيجابية، منها:-
- مهارات تفاوض رائعة لتعامله مع إخوته الأكبر والأصغر منه.
- حس اجتماعي ملحوظ، حيث يتميز بالتعاطف مع الآخرين.
- الشعور بالاستقلالية.
- الوفاء لأصدقائه.
وهذه الصفات تستمر مع الطفل حتى يكبر، وتتشكل بها شخصيته في نهاية الأمر.
بالتأكيد، يوجد ملايين من الأطفال ذوي الترتيب المتوسط في أسرهم، والذين قد لا يمتلكون أي من هذه الصفات، وهذا ما يدفعنا للتفكير، ما هي حقيقة متلازمة الطفل الأوسط؟
حقيقة متلازمة الطفل الأوسط
كشفت الجمعية النفسية الأمريكية حقيقة متلازمة الطفل الأوسط، بإشارتها إلى أن هذه المتلازمة مجرد افتراضية ينقصها الأدلة العلمية، حيث تشير الأبحاث الحالية إلى أن تأثير ترتيب الطفل في أسرة ما (ضئيل) على شخصية الطفل، ولا يرقى لدرجة أن يكون تغييرًا نفسيًا كبيرًا كما هو شائع.
تلك النتيجة بسبب قلة توفر الأدلة الموثوقة والداعمة لفرضية التأثير النفسي لترتيب الولادة على شخصية الطفل الأوسط، وذلك بسبب تداخل العديد من المؤثرات الأخرى التي تترك أثرها في شخصية الطفل.
وقد يكون سبب انتشار متلازمة الطفل الأوسط، اعتقاد الناس أن الطفل المتوسط لابد وأنه لا يتلقى اهتمامًا كافيًا من والديه، وهذا بالضرورة غير صحيح.
فتعامل الوالدان مع أطفالهم يختلف من أسرة لأسرة، ويتحكم به عدد من العوامل.
من هذه العوامل مثلاً: درجة تعليم الوالدين، ومدى وعيهم بطرق التربية المختلفة، ومعرفتهم بكيفية الحفاظ على نفسية الأطفال في ظل البيئة الضاغطة والتحديات التي لا تنتهي.
فالبيئة التي ينشأ فيها الأطفال تأثير كبير، إذا كانت مشجعة على تربية سليمة لهم، وداعمة لبناء شخصيات قوية، أو غير ذلك من بيئات يكثر بها مثلًا التنمر، والتدخل في تربية الأبناء بآراء قديمة عُلِمَ أنها خاطئة، خصوصًا من الأجداد.
أخيرًا، في حين نجد أن هناك قلة قليلة جدا من الأطفال ذوي الترتيب المتوسط في أسرهم، قد يمتلكون بعضاً من الصفات الشخصية السابق ذكرها، نجد أن معظمهم في الواقع لا يندرجون تحت هذه الفرضية.