يعتقد البعض بأن أمراض السرطان تصيب الفئة العمرية من الكبار فقط، وأن الأطفال أكثر حمايةً من تلك الأمراض. يوصف مرض السرطان بالمرض اللعين، إذ يعاني فيها المريض ببعض الأعراض، والآثار الجانبية للأدوية والعلاجات الكيميائية غير المحتملة. ويأتي هنا السؤال هل يمكن لطفل مصاب بمرض السرطان أن يكون لديه القدرة لتحمل كل تلك الأعباء كتحمل البالغين من العمر له؟! معاناة مرض السرطان معاناة كبيرة وثقيلة ليست فقط على المصاب به، بل يعاني كل من حوله من أقاربه وأصدقائه أيضًا. في هذا المقال سوف نسرد لكم كافة المعلومات الخاصة بمرض سرطان الدم عند الأطفال وكيفية علاجه.
محتويات المقال
سرطان الدم عند الأطفال وأنواعه
سرطان الدم أكثر أنواع السرطان شيوعًا عند الأطفال، إذ ينتشر السرطان بسرعة عالية، ومعظم حالته تكون حادة وشديدة.
يُصيب سرطان الدم خلايا الدم البيضاء، والتي تعتبر خط الدفاع الأول للجسم ضد أي خطر خارجي، إذ تقوم بمهاجمة، وحماية الجسم من أي عدوى سوءً كانت بكتيرية، أو فيروسية، أو أي مصدر خارجي آخر.
عند الإصابة بسرطان الدم، ينتج الجسم كمية كبيرة جدا من خلايا الدم البيضاء، والتي تكون غالبيتها غير فعًالة ولا تعمل بشكل صحيح، ذلك الإنتاج الضخم من خلايا الدم البيضاء يؤدي إلى مزاحمة خلايا الدم الحمراء والصفائح الدموية الأخرى المتواجدة في الدم.
يعاني معظم الأطفال بسرطان الدم من النوع الحاد، إذ يتطور وينتشر بسرعة عالية في الجسم، ويحتاج إلى علاج فوري له.
هناك نوعين من سرطان الدم الحاد الأكثر إصابةً عند الأطفال هما:
ابيضاض الدم الليمفاوي الحاد (Acute Lymphocytic Leukemia)
يعد ابيضاض الدم الليمفاوي الحاد النوع الأكثر شيوعا لدى الأطفال. ويمثل حوالي 75 في المئة من جميع الحالات، إذ يصيب خلايا الدم البيضاء غير الناضجة، والتي يطلق عليها اسم الأرومات الليمفاوية (Lymphoblasts)، والتي تتمثل مهمتها في إنتاج الأجسام المضادة لمهاجمة البكتريا والفيروسات في الجسم.
ابيضاض الدم النخاعي الحاد (Acute Myeloid Leukemia)
هو ثاني أكثر أنواع ابيضاض الدم خطورة في مرحلة الطفولة، إذ تبدأ رحلته في نخاع العظم، وسرعان ما ينتشر في الدم.
يعمل ابيضاض الدم النخاعي الحاد على منع خلايا الدم غير الناضجة والتي تسمى ب( Myeloblasts أو Monoblasts) والمتواجدة في نخاع العظم من اكتمال نضجها إلى خلايا الدم البيضاء المسؤولة عن حماية الجسم من العدوى والأمراض.
بما أن ابيضاض الدم الليمفاوي أو النخاعي الحاد يحتل معظم حالات سرطان الدم عند الأطفال، إلا أن هناك بعض الأنواع الأخرى، ولكنها نادرة الحدوث و تتمثل في:
- ابيضاض الدم المختلط النسب (Mixed Lineage Leukemia): هي حالة نادرة الحدوث، إذ تتضمن بعض مميزات كلاً من ابيضاض الدم النخاعي الحاد، و ابيضاض الدم الليمفاوي الحاد.
- ابيضاض الدم النقوي الوحيدي ( Juvenile myelomonocytic leukemia): من أكثر حالات ابيضاض الدم ندرة وخطورة في نفس الوقت، إذ يصيب الرضع والأطفال بعمر 4 سنوات وأصغر.
- ابيضاض الدم النخاعي المزمن (Chronic Myeloid Leukemia).
- ابيضاض الدم الليمفاوي المزمن (Chronic Lymphocytic Leukemia).
أعراض سرطان الدم عند الأطفال
ليس من السهل تحديد ما إذا كانت الأعراض التي تظهر على الطفل تشير إلى الإصابة بسرطان الدم، إذ تتشابه أعراض ذلك المرض مع الكثير من الأعراض لأمراض أخرى شائعة في مرحلة الطفولة.
تشتمل أعراض سرطان الدم عند الأطفال على ما يلي:
- اعياء وتعب.
- فقدان الوزن.
- تضخم الغدد الليمفاوية، والكبد، والطحال.
- آلام العظام.
- الصداع.
- شحوب البشرة.
- صعوبة التنفس.
- مشكلة في وقف النزيف بعد الجروح الصغير، او الخدوش.
- نزيف أنفي متكرر.
- نزيف اللثة.
- فقدان الشهية.
- التعرض للعدوى المتكررة.
إذا كان الطفل يعاني من بعض الأعراض التي تم ذكرها لمدة تطول لأكثر من أسبوعين، فقد حان الوقت لتحديد موعد مع الطبيب للتأكد ما إذا كان الطفل مصابًا بسرطان الدم، أم أنها مجرد عدوى بكتيرية.
أسباب سرطان الدم عند الأطفال
يعد تلف الحمض النووي (DNA) لخلايا الدم خاصةً خلايا الدم البيضاء السبب الرئيسي للإصابة بسرطان الدم عند الأطفال، إذ يؤدي ذلك الخلل إلى نمو خلايا الدم البيضاء، وانقسامها بشكل سريع يخرج عن السيطرة.
الإنسان السليم عادةً ما تموت خلايا دمه بعد فترة، وينتج نخاعه العظمي خلايا دم أخرى لاستبدالها، ولكن مع سرطان الدم عند الأطفال تنمو خلايا الدم بشكل سريع، ولا تعمل بشكل فعًال، ولا تموت تلك الخلايا بعد فترة في دورة حياتها، مما يؤدي إلى تراكم كمية كبيرة من الخلايا السرطانية، والتي تكمن مهمتها في منع نمو خلايا الدم البيضاء.
ما هي العوامل التي قد تزيد من خطر الإصابة بسرطان الدم عند الأطفال؟
تنقسم عوامل الخطر إلى عوامل خطر جينية، وعوامل خطر بيئية.
عوامل الخطر الجينية
تتحكم الجينات في الوراثة، وتكاثر الخلايا بالاضافة إلى وظائفها اليومية المستمرة، وعند حدوث أي خلل في تلك الجينات يؤدي إلى الإصابة بالكثير من الأمراض.
هناك بعض العوامل الجينية الممكنة التي قد تزيد من خطر الإصابة بسرطان الدم عند الأطفال ومنها:
- متلازمة داون.
- متلازمة بلوم (Bloom Syndrome).
- وجود بعض الأمراض المناعية الوراثية.
- وجود تاريخ عائلي خاص بسرطان الدم.
عوامل الخطر البيئية
تتضمن عوامل الخطر البيئية التعرض إلى ما يلي:
- الإشعاع.
- العلاج الكيميائي.
- البنزين.
- تدخين التبغ.
- التعرض للمبيدات الحشرية، وملوثات الهواء.
مضاعفات سرطان الدم عند الأطفال
من أهم المضاعفات التي قد يُسببها سرطان الدم عند الأطفال:
- تأخر النمو.
- عودة السرطان مرة أخرى بعد علاجه.
- انتشار السرطان لأجزاء أخرى من الجسم.
- صعوبة التعلم.
هل يمكن تشخيص سرطان الدم عند الأطفال بسهولة؟
إذا بدأت بعض الأعراض التي تشير إلى سرطان الدم بالظهور، يبدأ الطبيب بالتشخيص، والتأكد من الإصابة بناءً على:
- تحاليل الدم.
- فحص نخاع العظم.
- فحص النخاع الشوكي.
- أخذ عينة من العقدة الليمفاوية.
- اختبارات التصوير بمختلف أنواعها.
تتضمن عملية فحص النخاع العظمي على أخذ عينة سائلة من خلايا النخاع العظم، وفحصها جيدًا.
علاج سرطان الدم عند الأطفال
يتعرض الطفل المصاب بسرطان الدم إلى عدة بروتوكولات علاجية في محاولة للسيطرة على المرض، وتدمير الخلايا السرطانية، وتعتمد خطة العلاج على حالة المريض، والعوامل التي أدت إلى الإصابة به.
يتكون العلاج من مرحلتين، المرحلة الأولى والتي تستهدف الخلايا السرطانية وتدميرها، والمرحلة الثانية تهدف إلى منع عودة السرطان مرة أخرى.
وقد تشمل الخطة العلاجية على ما يلي:
- العلاج الكيميائي: يتضمن العلاج الكيميائي على عدة أدوية هدفها قتل الخلايا السرطانية، وقد توجد على شكل حقن، أو أقراص.
- العقاقير المستهدفة: بعض العقاقير مصنعة لاستهداف وقتل خلايا الدم السرطانية، دون حدوث أي أضرار بالخلايا السليمة بخلاف العلاج الكيميائي.
- العلاج المناعي: يعمل العلاج المناعي على تقوية المناعة، والتي تساعد الجسم في مهاجمة الخلايا السرطانية وتدميرها.
- زرع الخلايا الجذعية: قد يتسبب السرطان في التلف الكامل لنخاع العظم، وفي تلك الحالة يتم زرع الخلايا الجذعية لاستبدال النخاع العظمي.
- الإشعاع: يتم استخدام أشعة عالية الطاقة بهدف قتل خلايا السرطان وتدميرها.
طرق الوقاية من سرطان الدم عند الأطفال
نظرًا لعدم معرفة السبب الرئيسي لسرطان الدم، لا توجد طريقة محدد للوقاية منه. ولكن اقترحت بعض الأبحاث في أن التقليل من التعرض لبعض العوامل التي قد تزيد من خطر الإصابة بسرطان الدم قد يساعد ذلك في الوقاية منه، ومن أهم تلك العوامل:
- الإشعاعات المقطعية غير الضرورية.
- استخدام المبيدات، والمواد الكيميائية الخطرة.
- التدخين، والتعرض للهواء الملوث.
وأخيرًا…. يعد سرطان الدم عند الأطفال من أخطر أنواع السرطانات حدوثًا في مرحلة الطفولة. وقد يساعد الكشف المبكر له في السيطرة عليه قبل الوصول للمرحلة المتأخرة، والتي تتضمن التدمير الكامل لنخاع العظم، وانتشاره إلى أجزاء اخرى من الجسم.